انتهت مشاركة المنتخب الوطني للاعبين المحليين في «شان» رواندا، ولكن سيل التعليقات والانتقادات لم ينضب بعد،خاصة وأن أهداف المشاركة في هذه المسابقة لم تتحقق بما أن الخروج من الدور الثاني لا يعد انجازا لمنتخب يضم في رصيده أسماء لها من الإمكانيات الفنية والبدنية الشيء الكثير. انتقادات لأداء بعض اللاعبين وخاصة لاختيارات المدرب حاتم الميساوي لا سيما في المواجهات الأخيرة ضد مالي والذي وجد نفسه ودون سابق إعلام في «فم المدفع» بعد أن اضطر لتحمل المسؤولية بعد المرض المفاجئ الذي ألم بكاسبارجاك. ورغم مرارة الانسحاب فإننا لا يمكن أن ننكر بأن عناصرنا الوطنية قدمت في مباريات الدور الأول مستويات فنية طيبة وأداء هجوميا لم نعهده فيه من قبل وهذا يعود أساسا إلى جرأة الميساوي الذي فتح قلبه لـ«التونسية» في الحوار التالي:
دعنا نبدأ بتقييم شامل لمشاركتنا الثانية في نهائيات كأس أمم إفريقيا للاعبين المحليين؟
ـ إذا أخذنا الأمور من زاوية النتائج فلن نختلف بأن المشاركة لم تحقق أهدافها بالمرة ويمكن اعتبارها مخيبة للأمال قياسا بسقف الطموحات الذي تحولنا به إلى رواندا. ولكن إذا أخذنا المشاركة من زاويا أخرى فإنني أعتبرها إيجابية للغاية بما أنها مكنت عديد اللاعبين من البرور بشكل كبير على غرار العكايشي ومحمد أمين بن عمر وسعد بقير وعلي المعلول وعبد القادر الوسلاتي وآخرون والذين سنستغلهم حتما في قادم المواعيد وأولها وأهمها طبعا التصفيات المؤهلة إلى «كان» الغابون ومونديال روسيا والتي لن تكون سهلة خاصة وأننا مطالبين على الأقل بحصد أربعة نقاط من المواجهتين القادمتين ضد الطوغو، كما خرجنا من «الشان» بمجموعة متماسكة و«نظيفة» يمكن أن نبني عليها في المستقبل. صحيح تبقى النتائج هي الأهم في النهاية ولكن تلك هي الكرة، لقد اجتهدنا كثيرا وبذلنا كل المجهودات من أجل الذهاب بعيدا في المسابقة ولكن «كل شيء بالكتبة»، المهم أن اللاعبين لم يبخلوا وبللوا الأقمصة التي يحملونها وهذا امر إيجابي يجد أن ندعمه دون التغافل عن إصلاح بعد الهفوات التي ارتكبناها في رواندا.
سقف طموح الجماهير ارتفع بعد عرض قوي في الدور الأول، ولكن خيبة الأمل كانت كبيرة بعد السقوط ضد مالي والانهيار الغريب الذي نرجو أن تمدنا بأسبابه الحقيقية؟
ـ كما قلت تحولنا إلى رواندا لم يكن بغاية السياحة وإنما بغاية التتويج باللقب وقد دخلنا المسابقة بالشكل الأمثل رغم بعض الهنات في المباراة الأولى ضد غينيا والناتجة عن غياب التأقلم مع الارتفاع، ولكننا لم نكن في يوم كبير مع مالي لأن اللاعبين لم يكونوا في أفضل حالاتهم البدنية وهنا أود أن أوضح بأن هذا الأمر لا يعود لإشكال في الإعداد البدني لأنني لا يمكن بأي حال من الأحوال أن أشكك في قيمة جلال الهرقلي الذي يعد من خيرة الكفاءات التونسية في هذا المجال، ولكن ما قصدته تحديدا هو إرهاق ذهني بالأساس نتيجة النسق الكبير للمباريات التي خاضها اللاعبون قبل التحول إلى رواندا وإلى «الحصرة» التي فرضت عليهم على امتداد شهرين تقريبا. كما أنني لن أتنصل من المسؤولية ومن الإقرار بعدم توفيقي في التغييرات البشرية والتكتيكية في مباراة مالي حيث فكرت في تأمين التقدم باللعب بخمسة مدافعين وثلاثة لاعبي ارتكاز ومهاجمين ولكن الأمور لم تسر بالشكل الذي كنا نرتضيه وهذا أمر جائز في كرة القدم لأن التغييرات عبارة على لعبة «شكبة» مرات تصيب وفي أحيان تخيب.
على ذكر مواجهة مالي كنا نعتقد بأن التحضير لها سيكون أسهل خاصة مع معرفة «كاسبارجاك» الجيدة بالكرة المالية.
ـ سؤالك هذا مكنني من توضيح أمر مهم وهو أننا كنا نتواصل مع المدرب هنري كاسبارجاك الذي أتمنى له شفاء عاجلا ونتناقش في بعض المسائل ولكنه لم يتدخل بتاتا في اختيار التشكيلة الأساسية أو التغييرات لأنه لم يكن قريبا من المجموعة ولا يعلم كواليسها. أما عن مواجهة مالي فإننا وفقنا في اختيار التركيبة المثالية لبدء المباراة وهذا أمر هام ولكن الأمور لم تسر بالشكل المطلوب في الفترة الثانية وهذه أمور أتحمل المسؤولية كاملة فيها.
على ذكر كاسبارجاك ألا ترى أن تعويضك له في ذلك الوقت كان بمثابة المجازفة؟
ـ لا لا أعتقد ذلك لأنني ليست بغريب عن المنتخب واعلم عنه كل شيء تقريبا ومعرفتي باللاعبين المحليين تتجاوز حتى معرفته بهم ولذلك أعتقد أن هذا الاختيار كان الأمثل وأن الأمور كانت ربما ستسوء أكثر إذا رافق المجموعة مدرب آخر. الحمد لله لنا من التاريخ والخبرة والتجربة والثقافة الكروية ما يمكننا في من تحمل مثل هذه المسؤولية التي عملنا على أن نكون في مستواها ويبقى التوفيق دائما من عند الله.
حاتم ألا ترى أنه كان بإمكاننا الذهاب بعيدا في المسابقة لو كانت المجموعة معززة ببعض الأسماء التي تخلفت عن الرحلة لأسباب غير مفهومة؟
ـ ما لا يعرفه عني العامة أنني لست من هواة التباكي وأثق دائما في المجموعة التي كانت تحت تصرفي والتي أشكرها على التضحيات الكبيرة التي قدموها، بقي لا بد من التأكيد على أن أسماء كفخر الدين بن يوسف وطه ياسين الخنيسي وصابر خليفة وحمزة لحمر وعمار الجمل كان بإمكانهم تقديم الإضافة ولكن ماذا نفعل نحن وجهنا لهم الدعوة ولكنهم لم يكونوا معنا ولن أدخل في الأسباب لأنهم أعلم بها.
بعيدا عن الأمور السلبية، تابعنا عرضا هجوميا قويا للمنتخب وخاصة في المباريات الأولى من المسابقة لم نعهده في النسور من قبل، فهل لنا أن نعرف سرّها؟
ـ عندما أمسكت المجموعة وعاينت إمكانياتها لمست لدى اللاعبين رغبة في اللعب الهجومي والاستمتاع بالكرة فمنحتهم أكثر حرية وجازفنا فكان الحظ حليفنا في المباريات الأولى ولكننا لم نوفق في مباراة مالي وتلك هي الكرة. المهم أن المجموعة قدمت كل ما لديها وأنا طبقت أفكاري وقناعاتي دون تدخل من أي كان وأنا سعيد بذلك وأتحمل مسؤولياتي كاملة كما قلت لك سابقا.
وما حقيقة ما تسرب عن تمرد بعض اللاعبين وعدم رغبتهم في الجلوس على البنك وما صحة تأثير انسحاب النادي الصفاقسي من الكأس على أداء لاعبيه في المنتخب؟
ـ هذه روايات مغلوطة تماما ولا أساس لها من الصحة لأن اللاعبين كانوا على درجة كبيرة من الانضباط والتفاني في تشريف الراية الوطنية ولم تصدر منهم أية سلوكات هجينة وحتى عبد القادر الوسلاتي فقد عبر لي باحترام كبير عن رغبته في اللعب وهذا من حق كل لاعب ولكن الاختيار يعود دائما للمدرب. أما بالنسبة للاعبي النادي الصفاقسي فهذه بدعة تسوقها بعض النفوس المريضة لأنني لم ألحظ هذا في الميدان أو في التدريبات.
أكيد أنك على علم بسيل الانتقادات التي وجهت إليك بعد الانسحاب، فهل من تعليق؟
ـ رغم أني معروف بأنني «كاسح شوية» فإنني أتحلى بعقلية رياضية كبيرة وبالتالي أقول مرحبا بالنقد مهما كان مصدره ومهما كانت حدته لأنني كما قلت لست معصوما من الخطأ وأعتبره أمرا إيجابيا نستفيد منه لتقويم أنفسنا. وأنا اعتقد أن من لا يقبل النقد لا يمتلك الثقة بالنفس وأنا لست من هؤلاء والحمد لله.
بعد هذه التجربة، ألم يحن بعد وقت الخروج من جلباب المدرب المساعد؟
ـ «كل شيء في وقتو باهي»، كنت منذ أيام مدربا أولا للنسور وسأعود اليوم مساعدا لكاسبارجاك وفي كل الحالات أسعى دائما لإتقان عملي حتى لا أشعر يوما بالتقصير أو تأنيب الضمير. الحمد لله أنني عملت مع أسماء كبيرة على غرار جورج ليكنز وهنري كاسبارجاك واكتسبت منها خبرة كبيرة سأستغلها مستقبلا لأنني أطمح في قيادة فريق أو منتخب ونحت تجربة ناجحة، ولكن أنا حاليا مع المنتخب وسنعمل سويا على تحصيل التأهل إلى «الكان» والمونديال لأن كرتنا لم تعد تحتمل مزيدا من الخيبات والنكسات.
... وحتى نلتقي
ـ في الختام لا بد من التأكيد على أننا لم ندخر جهدا لإسعاد جماهيرنا ولكن الحظ لم يكن إلى جانبنا ولكن الأهم من ذلك أن ندعم الإيجابيات ونعمل على إصلاح الهفوات (بعض التغيرات والاختيارات التكتيكية) لنحقق النجاح في الرهانات القادمة.
كما أستغل هذه الفرصة لأتمنى النجاح لفريقي الأم الملعب التونسي الذي يمر بوضع صعب ولكنني واثق من النجاح في ضمان البقاء إذا ما وقفنا جميعا وراء الفريق الذي لا يمكن أن أنسى فضله عليه، فهو الذي تعلمت فيه كيف أمشي وكيف ألعب الكرة وكيف أصبح لاعبا ومدربا. « ويا ربي تمنّع البقلاوة».
حاتم الميساوي :خسرنا لقبا وكسبنا مجموعة
4/
5
Oleh
Unknown